عنوان التدوينة سؤال مباشر وأظن أن إجابته محددة ..... أن الأخلاق لا تتجزأ ، فالشخص الخلوق يتمتع بهذه الصفة أينما وجد وأينما تعامل ، وتزداد أخلاقيات الإنسان عندما تُختَبر هذه الأخلاقيات وتُوضَع على محك التطبيق ........ والأخلاقيات ليست قراراً يتخذه الإنسان يكون بمقتضاه خلوقاُ .... إنما الاخلاق نتيجة إرث دينى وثقافى واجتماعى وبيئى تتحد معا لتشكل شخصية الإنسان ومن ثم أخلاقياته وطرق تعامله مع الآخرين .
ومنذ تعقد المجتمعات وتخصصها والتباعد بين الأفراد داخل المجتمع الواحد .... منذئذ سمعنا كثيرا من المطالبات التى تنادى بوضع دستور أخلاقى يحكم التعاملات داخل كل تخصص علمى على حده .... دون القانون الاجتماعى العام الذى ينظم جميع تعاملاتنا بصرف النظر عن التخصص العلمى ودون الأفراد الذين نتعامل معهم ..... فهل حقا نحن فى احتياج لمثل هذه الدساتير الأخلاقية التى تحكم تعاملاتنا .... وماذا سيكون عليه وضع الإنسان فى السنوات المقبلة وكم هى عدد الدساتير الأخلاقية التى يجب على الإنسان قراءتها وفهمها وتطبيقها عند التعامل مع الآخرين ..... وماذا سيكون رد فعل المجتمعات مع من لا يلتزم بتطبيق مثل هذه الدساتير الأخلاقية ؟؟؟ أسئلة كثيرة تدور فى ذهنى لاستشراف المستقبل الاخلاقى للمجتمعات الحديثة .
وما دعانى للكتابة فى هذا الأمر ما نلاحظه من انفلات أخلاقى..... نعم انفلات أخلاقى متنامى ومتوازى مع التقدم التكنولوجى الذى صاحب ثورة الحاسبات والاتصالات ، وهذا الانفلات الأخلاقى جعل كثيرا من الأقزام ومن لم يبلغوا الحُلم بعد ..... الذين يجلسون خلف شاشات الحاسب الآلى ويتصلون بالعالم الخارجى من خلال شبكة الإنترنت ..... جعلهم يتصورون أنهم ملكوا العالم وأن كل شئ أمامهم طالما طالته أيديهم فهو مباح ومستباح دون التقيد بأية معايير أو أخلاقيات .... كما أن هذا الأمر سول لهم أن يُنَصبوا من أنفسهم حكاما وقضاة للحكم على من لا يعلمون عنهم شيئا .... وتناسوا أننا رغم التقدم التكنولوجى مازالت تحكمنا معايير وأخلاق أصيلة تنبع من ديننا وثقافتنا وتربيتنا ..... هذه المعايير تحتم علينا احترام كل منا للآخر دون تجريح أو قذف وإن وصل الأمر للخلاف فهناك درجات للتقاضى يسبقها تدخل الكبار لاصلاح ذات البين .... وهكذا تعلمنا الأخلاق والأخلاقيات منذ نعومة أظفارنا ..... فاحترام الأستاذ واجب واحترام الكبير واجب واحترام الزميل واجب ..... والقائمة تطول بالواجبات وفى مقابلها سأحصد جزاء ما أنفقته من الآخرين .
وما نلاحظه مؤخرا على شبكة الإنترنت سواء داخل المجموعات البريدية المتخصصة أو داخل المنتديات أو على المواقع الخاصة .... كل ذلك يجعلنا أحوج مانكون للرجوع لأخلاقياتنا الأساسية التى تربينا عليها ، وألا نجعل من التوارى خلف أجهزة الحاسب دون التلاقى مباشرة فرصة للنيل من أشخاص نعجز عن مواجهتهم إذا ما تلاقينا بشكل مباشر ... كما أننا أحوج مانكون إلى التعاون والتنسيق والتلاقى واستثمار ما أنعم الله به علينا - من تقدم علمى جبار لأمم غيرنا - من أجل نكون شيئا نافعا بين الأمم ... فالمقارنات ليست فى صالحنا ... وستضحك علينا الأجيال القادمة وتلعننا إذا لم نفيق ونقدم لهم شيئا نافعا يذكروننا به .
وختاما فالأخلاق وحدة واحدة غير قابلة للتجزئ والتلون ... ولن تتغير فثوابت الأخلاق موجودة فى كل الديانات ... وانما المتغير هم البشر ... والمتغير مدى فهمهم لهذه الثوابت ومدى تطبيقهم لها بما ينعكس علينا فى تعاملاتنا اليومية وفهم كل منا للآخر دون تعقيدات ودون التطاول من الأدنى على الأعلى .......... والله من وراء القصد .
الخميس، 15 مايو 2008
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)