الخميس، 16 أكتوبر 2008

تكريم وتقدير العلماء والمتميزين في عالمنا العربي: الإيجابيات والسلبيات

دأبت كثير من المؤسسات الحكومية والأكاديمية والجمعيات المهنية المتخصصة على كافة المستويات العالمية والإقليمية والمحلية ، دأبت على تكريم وتقدير ومنح الجوائز لعدد من المتميزين بشكل دورى تقديرا لجهودهم واعترافا بفضلهم فى تطوير تخصصاتهم ، ومما لاشك فيه أن التقدير والتكريم ومنح الجوائز له فوائد متعددة أهمها شعور من تم تكريمه بالرضى الكامل عما أعطاه وقدمه من وقت وجهد لمجاله العلمي ، كما أن تكريم وتقدير المتميزين من شأنه أن يعطى القدوة والمثل الأعلى للأجيال اللاحقة ، كما أن من شأنه أيضا إذكاء روح المنافسة والإجادة بين المتخصصين مما ينعكس إيجابا على تقدم العلوم وتطويرها للأفضل . ورغم الفوائد المتعددة للتقدير والتكريم إلا أن له كثيرا من السلبيات إذا لم يتم بشفافية ومصداقية وفى توقيت مناسب، فعلى سبيل المثال نلاحظ لدوافع غير علمية تكريم غير المستحقين مما يشكل إحباطا لمن يستحقون التكريم و إهدارا لمبدأ العدالة وتكافؤ الفرص وللتحكيم العلمي برمته ، كما أن من سلبيات التكريم التأخر في تكريم من يستحق وعدم اختيار التوقيت المناسب لذلك فنلاحظ اقتصار التكريم غالبا على كبار السن فقط ممن بلغوا أواخر سني عمرهم بل نلاحظ في كثير من الأحيان أنه لا يُكرم ولا يُقدر إلا أسماء كثير من العلماء بعد انتقالهم للرفيق الأعلى ، ومن السلبيات أيضا إجحاف حق كثير من المتميزين في التكريم والتقدير لدواع متعددة قد تكون سياسية أو عقائدية أو مهنية .... الخ، ومن السلبيات أيضا ضعف التقدير للعلماء والمتميزين واقتصاره على أمور شكلية ضعيفة لا تغن ولا تسمن من جوع إذا ما قورن بمتطلبات الحياة اليومية وإذا ما قورن بما يتم عطاءه وبذله لفئات أخرى لا تقدم للمجتمع إلا نشاز هابط مما يدعونه الفن بأقسامه المختلفة . ولكي تؤتى عملية التكريم ثمارها المرجوة وتحقق الأهداف المنوطة بها لابد من التغلب على السلبيات السابق ذكرها من خلال تشكيل لجنة علمية لكل جائزة من المتميزين المتخصصين في كل مجال موضوعي على أن يكونوا ممن يُشهَد لهم بالنزاهة والحيادية وخشية الله تعالي ، على أن يتولوا بدورهم عملية اختيار المكرمين حسب انجازاتهم العلمية ويكرمونهم في التوقيت والحدث العلمي المناسب ، كما أن من اختصاصات هذه اللجان مناشدة أُولِى الأمر والمؤسسات المسئولة لرفع قيمة الجوائز الممنوحة بما يتناسب مع قدر العلم والعلماء . عندئذ أعتقد أننا نعود لعهدنا و ماضينا وحضارتنا التي ملأت الدنيا نورا من خلال عطاء العلماء والمفكرين وليس بشئ آخر .......... وفى الختام لا يسعني إلا القول أن التكريم والتقدير ما هو إلا وجه من وجوه تحقيق العدالة التي هي أساس الملك وأساس كل شئ على وجه الأرض ، ودون تحقيق العدالة وتغيير ما حاك في صدورنا من إثم فلن ننجو ولن نتقدم وسنظل نلهث خلف كثير من الأمم التي أخذت بناصية العلم ، وصدق رب العزة في قوله " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له ومالهم من دونه من وال " 11 الرعد .