فى أثناء حضورى إحدى المناقشات العلمية لطالب ماجستير ، لاحظت أن لجنة المناقشة قد صبت جام غضبها على الطالب نظرا لاقتصار استشهاداته المرجعية على مواقع الإنترنت فقط دون الرجوع لمصادر أخرى ، ومما زاد الطين بله أن تلك المواقع التى استشهد بها الطالب مواقع عامة غير متخصصة ، وقد فسر الطالب اعتماده على تلك المواقع بأنها موجودة بكثرة على شبكة الإنترنت ،-وحسب اعتقاده أن كل ما ينشر على هذه الشبكة فهو بمثابة المعلومات الموثقة الرزينة والتى لا يأتيها الباطل من بين يديها . . . . . . . . وبالطبع فهذا الطالب وغيره مخطئ فى اعتقاده لأن شبكة الإنترنت حسب تجربة الكثيرين وحسب وصف أحد الكتاب الأمريكيين " ما هى إلا أنبوب ضخم يحمل نفايات العالم بأسره من المعلومات " ، وقد جانب هذا الوصف كثير من المصداقية فشبكة الإنترنت تحمل الغث والثمين ، أما الغث فكثير ويتكاثر يوميا ومتاح بالمجان ، أما الثمين فهو مرسم ومشفر ويحتاج إلى الاشتراك حتى يتاح الولوج له والحصول عليه ، وهذا لا ينفى أن بعض الثمين متاح بالمجان ولكنه يحتاج لعين خبيرة لتقييمه ومعرفة من يقف وراءه و معرفة درجة الموثوقية به .والموقف السابق لطالب الماجستير ليس حالة فردية وإنما هو رأس جبل الجليد المختفى والذى يشكل قاعدته طلاب مرحلة البكالوريوس والليسانس وطلاب الدراسات العليا ، ومما يدعم هذا الرأى أنه أثناء تدريسى لمقرر مبادئ البحث العلمى لطلاب مرحلة الليسانس ومقرر مناهج البحث لطلاب تمهيدى الماجستير على مدار عدة فصول دراسية قمت بشرح خطوات وإجراءات البحث العلمى بدءا من اختيار الموضوع ، ووضع خطة البحث ، وتجميع المعلومات والبيانات من مصادر المعلومات التقليدية والإلكترونية ، واختبار الفرض العلمى ، وكتابة البحث فى صورته النهائية ، وتقديم النتائج . . . الخ ، كنت أستشعر أثناء متابعتى للطلاب من خلال التكليفات الأسبوعية مدى كسلهم فى البحث والتنقيب عن المعلومات ، إلى جانب ضعف لغتهم وعدم قدرتهم على التعبير عن الموضوعات المختارة ، ولجوئهم إلى عملية القص واللصق فقط من خلال ما يجدونه متاحا على شبكة الإنترنت ، فعلى سبيل المثال عندما أطلب منهم إعداد ببلوجرافية معينة ،أو تلخيصا لمقال ،أو التعبير عن فكرة معينة فى موضوع معين ، فإن أكثرهم لا يأتون إلا بما وجدوه على الإنترنت فقط ، وتكرر هذا الأمر فى عدة تكليفات على مدار الفصل الدراسى بشكل مستفز مما دفعنى للتحذير من الاعتماد فقط على الإنترنت كمصدر وحيد للمعلومات وخاصة عند إعداد البحث النهائى والذى تشكل الدرجات المرصودة له ما يقارب نصف درجة المقرر ككل ، ولكن هيهات هيهات فعند تسلم الأبحاث فى نهاية الفصل الدراسى وفحصها ومناقشتها وجدت ما سبق أن حذرت منه ، بل وصل الأمر بالنسبة الأكبر للطلاب إلى القيام فقط بنسخ أحد الأبحاث المتاحة على الشبكة ولم يتعد دوره سوى القيام بعمل صفحة عنوان يكتب عليها بياناته دون التدخل من قريب أو بعيد فى محتويات البحث ، بل إن من تدخل لتعديل البحث وتمويهه بحيث يبدو أنه من فعله فقد ترك آثارا عديدة تدينه أكثر مما تبرئه ........ ومما لاشك فيه أن ما يفعله الطلاب سرقة علمية فجة لا تليق بطالب علم ، إلى جانب أن ذلك يعد نسفا لمحاولات إنشاء جيل جديد من الباحثين الجادين ، وأعتقد أن هذا السلوك المشين للطلاب أصبح ثقافة عامة لدى الكثيرين ، فقد حلت الثقافة الاستهلاكية - لكل ما هو جاهز ومستورد ومن إبداع الغير - محل ثقافة الإبداع و ثقافة التنافس وثقافة الكرامة ........ وبالطبع فإن هذا الأمر لا ينبئ بخير ويحتاج لوقفة عامة على كافة المستويات .... ولنعلم جميعا أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
والله من وراء القصد
هناك 11 تعليقًا:
تدوينة رائعة د/ محمود عبد الكريم
اتفق معك في كل ما رصدته بها فهو واقع حال طلاب الدراسات العليا وطلاب المرحلة الجامعية الأولى ولكني اجد أنه على الجانب الآخر هناك بعض الموضوعات التي بها من الحداثة ما يجعل طالب الماجستير لا يجد فيها غير مقالة واحدة او حتى لايجد مصادر متخصصة فماذا يفعل لكي يكون افكاره عن الموضوع غير اللجوء إلي مصادر المعلومات العامة، ماذا يفعل لكي يكون رأيه ويبدأ العمل في ظاهرة لم يتناولها المتخصصون نعم يجد نفسه غريق هذا هو الوضع، غريق بين كم هائل من المصادر المتاحة من خلال محركات البحث على الإنترنت ومنها الغث والآخر الثمين وتبدأ رحلة البحث الشاقة في كم لا حصر له، كان الله في عونهم فاحيانا يكون هناك اسباب حقيقية وجدية لعدم الإعتماد على مصادر ورقية والسبب هو عدم وجودها وعدم التفات المتخصصين لتناول تلك الموضوعات.
وشكرا
السلام عليكم ورحمة الله
دكتوري القدير/ محمود الجندي
اشكرك على هذه المدونة الرائعة والتي تبين بحق مدى اعتماد الطلبة على الإنترنت بطرق غير صحيحة في كثير من الأحيان وتعتبر هذي الظاهرة خطيرة بحق فهي تقلل من خبرة هذا الجيل وتقلل من مهاراته في مجال المعلومات والبحث عنها
وفي الختام اشكرك يا دكتوري على ما قدمته لنا من معلومات قيمه في مجال دراستي والتي بحق استمتعت بدراستها
إحدى طالباتك / أثير محمد الحماد
قسم/ مكتبات ( مستوى أول )
فرقة/ أ
السلام عليكم و رحمة الله،
.
.
استخدام الإنترنت ليس خطأً و إنما قفزة نوعية؛ في السابق أجزم بأن أساتذة الجامعات العريقة كانوا لا يعترفون بالصحف اليومية كمصدر لمقالات مميزة تصلح مشروعاً أو أساساً لبحث جيد ،
.
فلنفكر قليلاً، لماذا هذا الهجوم الفوري على كل ما هو جديد، أعرف أن الحديث هنا في المقالة وضّح تمام التوضيح أن في الإنترنت ما هو "غث و ثمين"
ولكنه رفضَ اعتباره مصدراً لبحث العلمي الرصين،
لنفكر سوياً كم من االبحوث المميزة التي سترفض لمجرد أنها استقت معلوماتها من الإنرنت،
برأيي لا يمنع أن يستفيد الطالب من هذه المواقع ما دامت صفحاتٍ إلكترونية من كتب، مأخوذة تماماً كما هي ..
.
بالطبع القص و اللصق مما لا يُقبل بحال، و لكنه سبيل الطالب الذي يستجدي وقتاً ليقوم بما لديه من تكاليف أخرى لمواد أخرى..
فماذا يفعل إن كان مجبراً على تقديم بحوث من 5 - 6 صفحات و لنضربها في عدد المواد في مستوى دراسي واحد،
.
أهو مضطر للخروج إلى المكتبة و تقليب الصفحات و تضييع أغلب وقته باحثاً عن كلمة أو جملة من العنوان إلى صفحة الفهرس إلى الصفحة المطلوبة في قلب الكتاب..
بينما يوفرها الإنترنت بكبسة زر تقريباً؟
ما الضير في كتابة: موقع الكاتب "..." الإلكتروني ، رابط: www.***.com
في مصادر بحث؟؟
.
فما بالك بـ فتاة، مضطرة لأن تكلّف وليّ أمرها أو من ينوبه باصطحابها مثقلة عليه ...؟؟
.
//
أما بالنسبة للبحث العلمي فهو مهارة كما كتبتْ دكتور في مقالك،
مهارة تُكتسب و تُنمى بالممارسة و "الخطأ"
فطلاب المستويات الجامعية الأولى يواجهون صعوبة في تطبيق هذا الكم الكبير من المعلومات النظرية في طرق البحث و اختيار الموضوع و الإجراءات المتسلسلة الأخرى..
بعض الطلاب ليسوا مؤهلين بمهاراتهم للبحث العلمي، المقنن..
فلماذا لا تبسّط هذه المعلومات لكي يسهل عليهم تطبيقها ..؟
.
أليس من الأفضل أن نخرّج طلاباً يعشقون البحث العلمي و إن لم يونوا ذوي مهارة أصلاً، أم أن نطالبهم بما لا يستطيعون مخرّجين دفعات من الطلاب الذين لا يستطيعون المتابعة مع المتطلبات الصعبة لأداء البحوث، مضطرين للبقاء قيد النجاح لأن يقصوا و يلصقوا!
.
.
مع جزيل الشكر :)
أبرار
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ،
السلام عليكم
[ كنت أستشعر أثناء متابعتى للطلاب من خلال التكليفات الأسبوعية مدى كسلهم فى البحث والتنقيب عن المعلومات ، إلى جانب ضعف لغتهم وعدم قدرتهم على التعبير عن الموضوعات المختارة ، ولجوئهم إلى عملية القص واللصق ]
اتفق معك في هذه الفكرة التي طرحتها ولكن أليست بداية دراسة كل شيء جديد خطوة صعبة تحتاج الى وقت لاتقانها و إلى توجيهات و ارشاد للطريقة الصحيحةو يحتاج أيضا إلى صبر لأن الخطأ وارد لا بد ان يحدث في مرحلة ما من الطالب المستجد.
هذا ما اردت التركيز عليه
مع الشكر
سمية عبد العزيز الكنهل
المستوى الأول - مكتبات
فعلا اصبح الجميع يعتمد على الانترنت
دون اثبات للملكيه
هذا يعني الاعتماد على الغير ايضا يساعد على الكسل وعدم بذل اي وقت للتفكير والكتابه
الطالبة
مدى فهد الفطيس
اولى مكتبات
موضوع مهم ..
اريد ان اعلق على مقالك ايها الدكتور المحترم ..
عندما وجدت الكثير من الاجهزه والحواسب والتقنيات تضائلت همم الشباب في البحث والتنقيب والتفتيش عن ماهو مهم بالنسبه لهم وصار جل اعتمادهم على هذا الحاسب في البحث عن مايريدونه من معلومات ..
اتمنى ان لايؤثر هذا التقدم على افكارهم الخصبه ولايؤدي بهم الى نهايات لايعلم بها الا الله وحده ..
وفي نهاية حديثي اود ان اشكرك على هذا المقال الشيّق ..
طالبتك : ساره عبد الله الصعب ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دكتور ../محمود الجندى
أستاذى..
تحدثت هنا عن الملكيه في عالم من أختراع البشر
وهي الشبكه العنكبوتيه ..
وبئستطاعت الانسان عمل الحمايه الفكرة لها
كما عمل الشبكة العنكبوتيه فئن لم يفعلو
لن يكون التحمس لى عمل الكتب الاكترونيه
فنحن نعيش بداايت هذا العصر
وتتطور التكنولوجيا وتوسع برامج
وابتكرات برااامج جديد
كما عرفنا مذا حصل في العراق من حرق الكتب وضيااعها
فسيكون هكذا ولكن بطريقت أخرى مرور الايام بدون حرب
ولكن تكثر السرقات وتئليف في الأقوال
تقبل مرورى ووضع تعليقي البسيط على مقالك الذى يحكي عصر أندفع بهجوميه كبيرهـ
وسأسعد بمرورك في مدونتي..
http://m3ali88.jeeran.com/archive/2008/1/434127.html
تلميذتك:معالي الحميد
نعم اوافقك الراي فالكثير اصبحو يعتمدون على الانترنت كمرجع اساسي وليس فرعي في بحوثهم ولانقول ان الانترنت به معلومات خاطئه لا ولكن لايجب علينا الاعتماد عليه كليا في بحوث يلجا لها اجيال من بعدنا يظل الكتاب في رائي لان الكتاب كان الاول في صحه المعلومات والبحوث وسيظل اما الانترنت فجتمع يحكي وجهات نظر اكثر وعلينا ان نتذكر الحكمه ضاله المؤمن اني وجدها فهو احق بها....اشكرك استاذي الكريم موضوع اكثر من رائع
طالبتك افنان ابراهيم الهميم
اولى مكتبات
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أشكرك دكتوري الفاضل/ محمود الجندي لوضع يدك على الجرح فبكل أسف لا يتم في مدارسنا بشكل عام وبكامل المراحل التعليمية التأكيد أو تدريس الطريقة الصحيحة لعمل البحث وكيفية استقاء معلوماته ومصادره لعدة أسباب وهي التي جعلت الطلبة والطالبات بشكل عام يعتمدون على عملية النسخ العشوائية من الانترنت بدون الاهتمام بمحتواها الرئيسي فقط العنوان المطلوب منهم البحث عنه أي عنوان البحث ومنها :
1 . عدم اهتمام المعلم أو المعلمة في توضيح مفهوم البحث ومعناه والهدف منه لطلبة العلم منذ مراحل التعليم الأولى .
2 . إهمال مناقشة أو تحديد مواضيع محددة وبسيطة لموضوع البحث في المرحلة الابتدائية ليفهم الطلبة المطلوب منهم والتركيز فيه .
2 . عدم التأكيد على مصادر البحث وكتابتها في نهاية البحث كمراجع ومناقشة الطالب أو الطالبة فيها لتأكيد أهميتها ومتابعتها من قبل المعلمين والمعلمات .
3 . قصر المدة المطلوب فيها تسليم البحث جعل الجميع يعتمد على المصدر الأقرب والأسرع ( الانترنت ) وإجراء عملية القص واللصق بدون ترتيب أو إضافات .
4 . عدم اهتمام المعلم والمعلمة بقراءة البحث قراءة جيدة ومعرفة محتواه ووضع التعليق المناسب والنقد البناء على البحث وإعادته للطالب أو الطالبة من أجل تنقيحه وتصحيحه .
وعند تلافي كل الأسباب السابق ذكرها بلا شك يرسخ لطلبة العلم ذكور وإناث على حد سواء أهمية البحث وأساليبه وطرقه والأهم من ذلك كله المراجع التي استقى منها الطالب هذا البحث مما يوضح الطريقة الصحيحة لكتابة البحث بشكل صحيح والاهتمام به ليس فقط من أجل رفع الدرجات أو زيادتها أو كنشاط خارجي منذ المراحل الأولية إنما من أجل أن يتعلم الطلبة والطالبات الطريقة الصحيحة للبحث ( بجميع مواضيعه ) واستقاء المراجع الصحيحة له من الكتب والموسوعات والانترنت .
طالبتك / أمل بنت عادل بن ناصر الفصام
أولى مكتبات أ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقالة رائعة جدا ... فعلا شبكة الانترنت شبكة عظيمة ومصدر مهم من مصادر المعلومات ولكن يجب على الطالب اثناء قيامه بالبحث العلمي ان لا يعتمد على اخذ معلوماته من الانترنت فقط وإنما يجب عليه البحث في مصادر اخرى من مصادر المعلومات المختلفه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقالة رائعة جدا ... فعلا شبكة الانترنت شبكة عظيمة ومصدر مهم من مصادر المعلومات ولكن يجب على الطالب اثناء قيامه بالبحث العلمي ان لا يعتمد على اخذ معلوماته من الانترنت فقط وإنما يجب عليه البحث في مصادر اخرى من مصادر المعلومات المختلفه
طالبتك : جواهر عبدالله السبيعي
إرسال تعليق